الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا التعليم

أنهى بن واتِلي (Ben Whately) حصة تعليم اللغة، وجلس في مكتبه في المدرسة، يملؤه شعور بالإحباط العميق، وعدم القدرة على الخروج بنتائج سريعة وإيجابية مع تلاميذه، ونظر إلى كومة من الكتب المدرسية على مكتبه، وأدرك أن التأمل في القواعد النحوية ونهايات الأفعال لا يساعد على اكتساب اللغة.

"لماذا نتعلم لغة صعبة جداً؟ هل أنا سيئ في اللغات؟" سأل بن (Ben) نفسه.

"بالتأكيد لا. اللغات التي نتحدث بها هي "صفتنا المميزة" كبشر. لذا إذا كنت سيئاً في اللغات... هل أنا إنسان سيئ؟"

عاد بن (Ben) إلى بيته، وهو يفكر في كيفية إيجاد حل لهذه المشكلة، فاتصل بصديقه إد كوك (Ed Cooke) الخبير في العلوم المعرفية، والذي يؤمن كثيراً بقوة اللغة، وبعد عدة لقاءات معه ومع أصدقاء آخرين أيضاً، تم تأسيس منصة مِمْرَايز (Memrise) عام 2010م في لندن في المملكة المتحدة، وهي شركة تستخدِم الانغماس اللغوي لمساعدة متعلمي اللغة على اكتساب الكلمات والعبارات التي يمكِنهم استخدامها في محادثات الحياة اليومية الواقعية.

وتم في المنصة تصميم مقاطع الفيديو لمتحدثين أصليين حقيقيين، كما تم تطوير تقنيات الذاكرة الإبداعية باعتبارها (التطبيق الأكثر تسلية لتعلم اللغات في العالم)، بالإضافة إلى ذلك، تم تحويل تعلم اللغات إلى لعبة ممتعة يستطيع المتعلم أن يتذكرها دائماً ويستمتع بها،

وتستخدِم منصة مِمْرَايز (Memrise) سيناريوهات الواقع الحقيقي، وروح الدعابة للوصول إلى المتعلمين، مما يجعل التعلم أكثر متعة.

وقد وصل عدد مستخدمي المنصة عام 2022م إلى ما يقرب من 60 مليون مستخدِم في 189 دولة يتعلمون ما يصل إلى 23 لغة باستخدام ابتكار بن واتِلي (Ben Whately) ، واستطاعت منصة مِمْرَايز (Memrise) جمع تمويل قُدِّرَ بحوالي 25.3 مليون دولار على مدى 7 جولات  جمعت Memrise مبلغ 15.5 مليون دولار في جولة التمويل الأخيرة،التي عقدت في 08 يونيو 2018.

كَمْ هُوَ جَمِيلٌ أَنْ يَجِدَ المُعَلِّمُ مَنْ يُسانِدُهُ وَيَدْعَمَهُ فِي العَمَلِيَّةِ التَعْلِيمِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ سَهْلَةٍ سِلْسِلَةٍ تُوَفِّرُ لَهُ ما يَحْتاجُهُ مِن مَعْلُوماتٍ دُونَ عَناءٍ. هٰذا الأَمْرُ هُوَ شَكْلٌ مِن أَشْكالِ الدَعْمِ الحَقِيقِيِّ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تُقَدِّمَهُ التكنولوجيا لِلمُعَلِّمِ مِنْ خِلالِ تَسْخِيرِ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ، المَعْرُوفِ عالَمِيّاً بِـ إِي آي (AI).

وِفْقاً لِمُنَظَّمَةِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ لِلتَرْبِيَةِ وَالعِلْمِ وَالثَقافَةِ اليونسكو (UNESCO)، إِنَّ الدَمْجَ المَنْهَجِيَّ لِلذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ فِي التَعْلِيمِ يَعْمَلُ عَلَى زِيادَةِ القُدْرَةِ فِي مُواجَهَةِ تَحَدِّياتِ التَعْلِيمِ فِي الوَقْتِ الحالِيِّ، وَاِبْتِكارِ مُمارَساتِ التَعْلِيمِ وَالتَعَلُّمِ، وَبِالتالِي تَسْرِيعُ التَقَدُّمِ نَحْوَ تَحْقِيقِ الهَدَفِ الرابِعِ تَحْدِيداً مِن أَهْدافِ التَنْمِيَةِ المُسْتَدامَةِ السَبْعَةَ عَشَرَ (SDGs)؛ الَّذِي يَنُصُّ عَلَى (ضَمانِ التَعْلِيمِ الجَيِّدِ المُنْصِفِ وَالشامِلِ لِلجَمِيعِ وَتَعْزِيزِ فُرَصِ التَعَلُّمِ مَدَى الحَياةِ لِلجَمِيعِ). هٰذا وَتُعْتَبَرُ اليونسكو مُلْتَزِمَةً بِدَعْمِ الدُوَلِ الأَعْضاءِ فِي تَسْخِيرِ إِمْكاناتِ تِقْنِيّاتِ الذَكاءِ الاِصْطِناعَى لِتَحْقِيقِ أَجِنْدَةِ التَعْلِيمِ لِلعامِ 2030م.

وَلِتَسْلِيطِ الضَوْءِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ فِي تكنولوجيا التَعْلِيمِ، يَرَى القائِمُونَ عَلَى مَعْهَدِ قَطَرَ لِبُحُوثِ الحَوْسَبَةِ التابِعِ لِجامِعَةِ حَمَد بِن خَلِيفَة عَلَى سَبِيلِ المِثالِ أَنَّ المَعْهَدَ يَسْتَفِيدُ مِن تكنولوجيا الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ، وَالتَعَلُّمِ الآلِيِّ فِي تَعْزِيزِ التَعْلِيمِ التَقَدُّمِيِّ الَّذِي يَسْتَخْدِمُ أَنْظِمَةَ التَعْلِيمِ لِلتَكَيُّفِ مَعَ الظُرُوفِ السائِدَةِ، وَالواقِعِ الاِفْتِراضِيِّ الـ (VR) وَالواقِعِ المُعَزَّزِ الـ (AR). يَقُولُ الدُكْتورُ جيم جانْسِن (Dr. Jim Jansen)، العالَمُ فِي مَعْهَدِ قَطَرَ لِبُحُوثِ الحَوْسَبَةِ أَنَّ "الذَكاءَ الاِصْطِناعِيَّ وَالتَعَلُّمَ الآلِيَّ هُما أَداتانِ يُمْكِنُ أَنْ يَقُوما بِدَوْرٍ فاعِلٍ فِي مُساعَدَةِ المُؤَسَّساتِ التَعْلِيمِيَّةِ عَلَى تَحْقِيقِ أَهْدافِ التَعْلِيمِ التَقَدُّمِيِّ.

وَتَشْمِلُ هٰذِهِ الأَدَواتُ أَنْظِمَةَ التَعَلُّمِ الَّتِي تَتَكَيَّفُ مَعَ الظُرُوفِ السائِدَةِ، وَالواقِعُ الاِفْتِراضِيُّ (VR)، وَالواقِعُ المُعَزَّزُ (AR)، وَنَماذِجُ الأَلْعابِ الجادَّةِ الَّتِي لا تَهْدِفُ لِمُجَرَّدِ التَرْفِيهِ. وَيُمْكِنُ لِلمَرْءِ أَنْ يَرَى أَنَّهُ بِالفِعْلِ بَدَأَت أَنْظِمَةُ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ تَكْتَسِبُ دَوْراً ذُا تَأْثِيرٍ إِيجابِيٍّ عَلَى القِطاعِ التَعْلِيمِيِّ".

تَتَّجِهُ العَدِيدَ مِن دُوَلِ العالَمِ وَالشَرِكاتِ العالَمِيَّةِ العامِلَةِ فِي مُخْتَلِفِ القِطاعاتِ إِلَى الاِسْتِثْمارِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي مَجالِ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ فِي تكنولوجيا التَعْلِيمِ وَتَطْوِيرِ تِقْنِيّاتِهِ، وَوِفْقاً لِمُؤَشِّرِ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ العالَمِيِّ الَّذِي نَشَرَتْهُ مُؤَسَّسَةُ "تورتويز إِنْتِلْجِنْس (Tortoise Intelligence)، فَقَدْ اِرْتَفَعَ إِجْمالِيُّ الاِسْتِثْمارِ فِي تِقْنِيّاتِ الذَكاءِ الاِصْطِناعِيِّ فِي كافَّةِ القِطاعاتِ وَمِن ضِمْنِها التَعْلِيمُ فِي العامِ 2021م إِلَى مُسْتَوىً قِياسِيٍّ بَلَغَ 77.5 مِلْيارَ دُولارٍ أَمْرِيكِيٍّ، مُقارَنَةً بِــ 36 مِلْيارَ دُولارٍ أَمْرِيكِيٍّ عامَ 2020م (Arab-German Chamber of Commerce and Industry. (2022).

بشكل عام، يساعد الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف المعلمين والطلبة على تحقيق تقدم مستمر في معالجة مجموعة واسعة من العوامل الجسدية، والمعرفية، والأكاديمية، والاجتماعية، والعاطفية التي ستساعد على تطوير العملية التعليمية، وهذا مجال واسع ومميز لرواد الأعمال في هذه التخصصات للبدء بالتطوير والإبداع في مشاريع ريادية تقوم على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي.